Pages

Labels

Rabu, 30 Oktober 2013

الإستشراق

الإستشراق في ميزان الفكر الإسلامي

مقدّمة :
أن بداية الإستشراق فمن الصعب تحديد فترة زمنية معينة : إذ إن البعض يعود به إلي أيام الدولة الإسلامية فس الأندلس. في حين يعود به آخرون إلي أيام الصليبيين. ولكن " من المتفق عليه أن الإستشراق اللاهوتى الرسمي قد بدأ وجوده حين صدور قرار مجمع فينا الكنسى سنة 1312 م و ذلك بإنشاء عدد من كراسى اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية"[1]
و يبدو أن الإستشراق قد قام في البداية علي جهود فردية لم تكن ذات تأثير علي مجرى التفكير الغربي, مما أدى ألي عدم اتخاذها نقطة بداية للإستشراق لدى بعض الباحثين. و من ثم اعتبار الحروب الصليبية التى بدأت التعبئة لها في مجمع كليرمونت سنة 1095م علي عهد الباب أوربان الثاني ( 1088-1099 م ) هي البداية الحقيقية للإستشراق ترجع في الأساس إلي أن الإستشراق قد تبلور تيارا فكريا عاما ; إذ إن الاحتكاك بالمسلمين فرض علي العالم الغربي المسيحي التعرف علي العالم الإسلامي و دراسته. و لعل طبيعة المرحلة الصليبية بكل ما لها من ذيول في عقول الأوربيين قد أدت إلي إفراز بنية عدائية المنهج في تعاملها مع الإسلام جردت المستشرقين من الموضوعية و الأمانة العلمية. و بحيث استمرت هذه الدراسات تغذى الأجيال اللاحقة من المستشرقين.
إذا كان الإستشراق قد نشأ في أحضان الكنيسة إلا أنه قد عايش التطورات و التحولات التي شاهدتها الساعة الغربية, إذ أن حركته" كانت تسير جنبا إلي جنب مع التحولات و التغيرات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التى سادت العصور التي عاش فيها ألئك المستشرقون.
فلا يمكن-إذن-أن نفصل بين ما شاهدته من ظروف سياسية و الإجتماعية و إقتصادية, و بين ما أنتجه ألئك المستشرقون من دراسات".[2]
و بمعنى آخر فإن فهم الإسلام حسب ما قدمته الدراسات الاستشراقية يدخل في علاقة مع تجارب الاستشراق الخاصة, بحيث لا يمكن فصل طرحهم بمعزل عن واقعهم الاجتماعي الذي أثر فيهم. كما أن الاستشراق بتبعيته للمؤثرات الخارجية يفقد الصفة العلمية التى يدعيها, و يجعل منه مجرد أدة في أيدي الدول الغربية, إذ إنه يكشف – حينها – عن عقلية الغرب أكثر مما يكشف عن الموضوع المدروس.
البحث :
نظرات في تاريخ الإستشراق
مفهوم الاستشراق
إن مفهوم الاستشراق " Orientalism  " يعني ( معرفة الشرق و دراسته )[3], غير أن البعض يشير إلى أن هذا المصطلح الجغرافي و الفلكي قاصر عن إعطاء معني حقيقي لمفهوم الاستشراق, إذ إن لكلمة ( الشرق ) مدلولا معنويا, حيث إن البحث اللغوي الأصلي لكلمة " Orient " في اللغات الأوربية الثلاث, المستمد من الأصل اللاتيني, يوضح أن معناها يتمركز حول طلب العلم و المعرفة و الإرشاد و التوجيه, فاستخدام كلمة بهذه الدلالة اسما لعلوم تبحث في منطقة معينة يعني إعترافا بأن العلم و المعرفة و الإرشاد كان يطلب من هذه المنطقة التي أشرقت فيها شمس المعرفة, و ليست الشمس بمعناها الحسي المعروف.
و لقد عرف البعض الاستشراق بأنه" ذلك التيار الفكري الذي تمثل في الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي و التي شملت حضارته و أديانه و آدابه و لغاته و ثقافته. و لقد أسهم هذا التيار في صياغة التصورات الغربية عن العلم الإسلامي معبرا عن الخلفية الفكرية للصراع بينهما".[4]
و من الصعوبة بمكان وضع حد فاصل و واضح بين الاستشراق و التبشير و الاستعمار, " إذ إن الاستشراق يمثل الوليد الطبيعي للثقافة التي تنتجه, فالمفكر إلي حد بعيد رهين للثقافة التي ينشأ فيها, و ليس وليدا للموضوع المدروس أو المطروح باعتباره صاحب الحق الأول في الاهتمام و الدراسة. لذلك لا يستطيع أي مستشرق أن يتناول موضوعاته دون أن يخضع للقوالب و الحدود الفكرية و العلمية المفروضة عليه مسبقا بسبب من ثقافته التي يصعب عليه الانفلات منها".[5]

مواقف العلماء المسلمين و مفكرى العربية
وتكاد مواقف العلماء المسلمين و مفكري العربية من المعلومات التي ظهربها المستشرقون قديما و حديثا تنحصر في ثلاثة مواقف : القبول المطلق و الموقف الرافض و موقف الواجهة. و كل موقف من مواقف الثلاثة له مبرراته و أدلته و براهينه[6]. وليس بالضرورة أن هذه المواقف تنطلق من منطلق واحد في التعامل مغ المعلومات الناتجة أولئك الذين لا ينتمون إلي الإسلام.
أولا : القبول مطلق
هذا التوجيه نحو قبول إسهامات المستشرقين يعيد أول المواقف الثلاثة بروزا, إذ إنّ بداية نهضة في مصر و سوريا قد اتكأت علي مجموعة عن المفكرين والأدباء الذين تلقوا علومهم عن الغرب إما بالإبتعاث أو بالمتابعة[7], ويتسم هذا الموقف بالتأثير المباشر والقوي بامعلومات الواردة عن المستشرقين حول تفسيرات الجديدة للإسلام من حيث كونه فكرة دينية عامة, أو من حيث النظر إلي أحداث فرعية في آية المسلمين بدأ بحياة الرسول ثم الصحابة وقادة المسلمين وعلمائهم, حتي أصبح الاستشهاد بإنتاج المستشرقين في قضية إسلامية مدعاة أو مقياسا لمدى اطلاع مؤلف وسعة أفقه وكسبه من الآخرين. وكان من أسباب هذا القبول المطلق هو الانبهار بإسهامات المستشرقين الذين يتحندثون عن دين لا يدينون به, ويظهر عليهم الحديث الإيجابى عنه, ولكن بتفسير جديد, ويقدمون للإسلام والعروبة أجل الخدمات[8].
كان مع الإنبهار ناتجا أيضا عن تزعزع الثقة بالإسلام والمسلمين الأوائل في الوقت الذي لا يستطيع فيه المتأثر الإنسلاخ الكامل عن الإسلام في بلد المسلمين , فكان البحث عن تفسير جديد للإسلام يرضى عنه الغرب ويكون مقبولا عندهم, ولذا يلاحظ عند إنتقاد أي سلوك داخل في  المنطلقات الإسلامية أن المنتقد قد يقول: وماذا يقول عنا الغرب؟, وكأن الغرب هو الذي سيتولى حسابنا ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم )[9]. هذا في وقت ظهرت فيه هذه الأصوات والمسلمون علي وجه العموم قد ابتعدو عن الممارسات البعيدة عن الروح الإسلامية الحقة, وفي الوقت نفسه تظهر آراء عقدية تتعلق بالقومية العربية في مجالات الإنتماء والأنظمة الاقتصادية الغربية عن المجتمع المسلم[10].
ثانيا: الموقف الرافض
ووقف مجموعة من المفكرين من المسلمين موقف الرفض المطلق, فلم يقبلوا أي إسهام في الثقافة الإسلامية من أناس لايدينون بالإسلام لم يقبلوه علي أنه حجة وعلي أنه يقدم جديدا في المفهوم , حتي ما جاء من باب الإطراء والمديح التي تلفظ بها بعض المستشرقين أو بعض الشخصيات الغربية والتي جمع منها "عماد الدين خليل" مجموعة من الأقوال , فكان هذا الفريق يقف منها موقف المتحفظ و يحاول أن يقرأ ما بين السطور.
وينظر هذا الفريق إلى الإستشراق على أنه علم أوروبى, وهو صورة لما توصلت إليه أوروبا في معرفة الشرق , وهو يعكس موقفا أوروبيا و عقلية أوروبية. ومنطلق هذا الفريق هو قول أحد المفكرين : "لم نضيع الوقت و المال والجهد والطاقة في سبيل مالا جدوى منه ولا عائد؟ وما يفيدنا أن نتتبع أخبار الإستشراق أو أن نترجم كتبه, ونناقش ما فيها , وننقدها, ونفند ما نراه غير صحيح مما تضمه ممن أراء , و نغضب فيما لا طائل منه؟ هل كان الإستشراق غير نتاج خارجي كتبه خارجيون لا يكاد معظمهم يحسن اللغة التي نتكلم بها؟, فكيف بهم عند ما يناقشون ماضينا و حاضرنا و مستقبلنا و تاريخنا و ثقافتنا و أدابنا اقتصادنا و سياستنا ؟. إنهم بالتأكيد لن يصلوا إلي حقيقة ذات قيمة تتصل بها, وبالتالي فلا ضرر علينا إن أغضينا طرفنا عما يعملون.


المراجع:
زقزوق، محمود حميدي: دكتور: الاستشراق و الخلفية الفكرية للصراع الحضاري, سلسلة كتاب الأمة الطبعية الثاتية, رئاسة المحاكم الشرعية و الشؤون الدينية, قطر, صفر الخير 1404ه.
سعيد، إدوارد : الاستيراق, ترجمة كمال أبوديب, مؤسسة الأبحاث العربية, بيروت 1981م.
المسلاتي، مصطفى نصر : الاستشراق السياسي في النصف الأول من القرن العشرين, الطبعة الأولى, دار اقرأ, طرابلس, ليبيا, نوفنبر 1986م.
الديب، عبد العظيم: دكتور: المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي, سلسلة كتاب الأمة الطبعة الأولى, مطابع مؤسسة الخليج, رئاسة المحاكم الشرعية و الشؤون الدينية, قطر ربيع الثابتة 1411ه.



                [1]  إدوارد سعيد: الاستشراق, ترجمة كمال أبو ديب, ص : 80.
                [2]  R. Walzer. Le. Veil de la Philosophe Islamique p. 41
نقلا عن مصطفى نصر المسلاتي, الاستشراق السياسي  في النصف الأول من القرن العشرين, ص : 5.
                [3]  محمود حمدي زقزوق: الاستشراق و الخلفية الفكرية للصراع الحضاري, ص:18.
            - د. عبد العظيم محمود الديب: المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي, ص: 39.
            - وانظر سيد محمد الشاهد: الاستشراق و منهجية النقد عند المسلمين المعاصرين, مجلة الاجتهاد, عدد 22, 1994 م, ص: 195.
                [4]  الندوة العالمية للشباب الإسلامي: الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة, ص: 33.
            زقزوق: المصدر السابق, ص: 18.
                [5]  الديب : المطدر السابق, المقدمة: عمر عبيد حسنة, ص: 15.
                [6]  علي بن إبراهيم النملة. ((المستشرقون : مواقف ومواقف )).- مجلة الحرس الوطني, ص 44-45
                [7]  محمود محمد شاكر. رسالة في الطريق إلي ثقافتنا.- القاهرة : دار الهلال, ص 208-221
                [8]  عبد الوارث كبير. (( المستشرقون ليسوا كلهم أعداء للعروبة والإسلام فمنهم من أدى للعروبة والإسلام أجل الخدمات )) العربي ع 102, ص 144-145
                [9]  الآية رقم 89 من سورة الشعراء
                [10] محمد محمد حسين. الإسلام والحضارة الغربية.- بيروت : مؤسسة الرسالة, 1982 م, ص 15

0 komentar:

Posting Komentar

 

Blogger news

Blogroll

About